صحابي جليل.. أسلم مبكراً وحسُن إسلامه.. شهد العقبة ولم يشهد بدراً، وشهد أحداً وما بعدها، وأحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم بعد تخلفهم عن غزوة تبوك.
كان (رضي الله عنه) شاعراً مرموقاً، وأحد شعراء الرسول الكريم الثلاثة الذين يردون عنه الأذى بقصائدهم وهم: كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، فكان كعب يخوفهم بالحرب، وحسان يهجوهم بالأنساب، وعبد الله يعيرهم بالكفر.
جاء كعب إلى النبي الكريم فقال: يا رسول الله، ماذا ترى في الشعر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه).
آخى النبي الكريم بينه وبين طلحة بن عبيد الله, وعُرف عنه صدقه وشجاعته في قول الحق والثبات عليه، وكانت شجاعته وصدقه في قول الحق عاملاً أساسياً في قبول توبته.
تخلّف كعب عن غزوة تبوك التي سُمي جيشها بجيش العسرة (لأن المسلمين مروا بصعوبات كثيرة في تمويل الجيش) وتخلّف المنافقون بدون أعذار، ولما عاد المسلمون إلى المدينة دخل الرسول الكريم إلى المسجد وصلَّى فيه ركعتين، فدخل عليه المنافقون الذين تخلّفوا عن الجهاد وبدءوا يكذبون على النبي الكريم ويتعللون بأعذار واهية، ولكن كعباً لم يكذب على النبي، وأقر بذنبه وتقصيره في حق الله وتكاسله عن الجهاد، وفعل مثله هلال بن أمية ومرارة بن الربيع، اللذين تخلفا أيضاً عن الجهاد.
بعدما سمع النبي الكريم كلام كعب، أمر المسلمين أن يقاطعوه وصاحبيه، فلم يكلمهم أحد من المسلمين، ولم يتعاملوا معهم. وقد لاقى كعب من الندم والبكاء والمقاطعة الشيء الكثير، وبعد خمسين يوماً جاء الفرج، ونزلت التوبة من الله على هؤلاء المؤمنين الصادقين الذين لم يكذبوا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فبعد أن صلى كعب الفجر سمع صوتاً ينادى من بعيد: أبشر يا كعب، فلما سمعها خرَّ ساجداً لله (عز وجل) ثم انطلق مسرعاً إلى النبي في المسجد، فتبسم له الرسول الكريم وقال له: (أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك).
توفي (رضي الله عنه) سنة خمسين، وهو ابن سبع وسبعين زمن معاوية.